الفجر



انضم إلى المنتدى ، فالأمر سريع وسهل

الفجر

الفجر

هل تريد التفاعل مع هذه المساهمة؟ كل ما عليك هو إنشاء حساب جديد ببضع خطوات أو تسجيل الدخول للمتابعة.
الفجر

تعلميى ادبي وثقافي


    العاشق المنتقم من روايات احلام6

    gersy story
    gersy story


    عدد المساهمات : 78
    نقاط : 189
    السٌّمعَة : 0
    تاريخ التسجيل : 17/10/2009
    العمر : 35

    بطاقة الشخصية
    ناتاشيا:
    ناتاشياالعاشق المنتقم من روايات احلام6 Empty
    العاشق المنتقم من روايات احلام6 Empty

    العاشق المنتقم من روايات احلام6 Empty العاشق المنتقم من روايات احلام6

    مُساهمة من طرف gersy story الثلاثاء أكتوبر 27, 2009 12:56 pm

    الفصل التاسع


    استيقظت `انجريد` قبل الفجر وهي مرهقة بعض الشىء . وكان `يانيس ´ لا يزال ممددأ بجانبها ويغط في نوم عميق .
    وتحسست `انجريد´ بنظراتها هذا الجسد الرائع . القوي . الدافئ...
    فشعرت كانها تتحسسه ، كانها تلمسه ..
    وفزعت كثيرأ من إحساسها هذا ، وبقيت عاجزة امام هذه الرغبة
    المحمومة التي استولت عليها وجعلتها ترتجف بشدة ، وهنا لمست
    اصابعها كتفيه ثم خصلات شعره .
    وعندئذ جذبها `يانيس ` نحوه بحنان ، فاستجابت له كانها مسلوبة
    الإرادة وخاضعة تماما لعينيه السوداوين , ثم راته وهو يضع راسه
    على ذراعها وكان يتحرك ببطء حتى يقترب منها وينظر إليها عن كثب ،
    ثم فجاة وكانه ينتظر هذه اللحظة طوال عمره , اخذها بين ذراعيه واحتضنها بشدة واخذ يقبلها برقة وعنف .
    فتركت `انجريد` نفسها تماما ولم تستطع التحرك خوفا من ضياع
    هذه اللحظات الساحرة ، واخيرأ التصق بها وهو يتحسس جسدها ،
    فقالت له هامسة وهي مستسلمة تماما :
    - احبك . احبك دائما ! وساحبك حتى نهاية عمري .. إنني حقا انتمي إليك . فقال لها `يانيس ´ :
    - اتمنى ان تحبيني يا ´انجريد´ ...
    واخذ يقبلها من جديد بعنف وهكذا غابا معا في عالم اخر بعيد عن الارض ، وحلقا معأ في دنيا الحب وعواصفه ...
    وكان قلباهما يدقان بسرعة شديدة وهما ملتصقان ببعضهما حتى ناما في هدوء وسكينة .
    وفي الصباح الباكر , استيقظت ´انجريد´ من نومها العميق ، ومدت ذراعها نحو ´يانيس ´ لتستمد منه دفأه وحرارته ، ولكنها لم تجد سوى الفراغ ، فنهضت من مكانها دهشة .
    - ´يانيس ´ ؟
    وعندئذ تذكرت انها سمعته وهو يتحرك ، ولكن متى حدث ذلك ؟ لقد ظلا معا حتى الفجر .
    والأن تتسلل اشعة الشمس المشرقة في الحجرة . ولكن ´يانيس ´ غير موجود بجانبها .
    نهضت ´انجريد´ وحدها ولكنها تشعر بالثقة في نفسها ولا زالت تتذكر هذه اللحظات الرائعة التي عاشتها مع ´يانيس ´ ، ثم استجمعت قواها وخرجت من الفراش لتاخذ حمامها وفي نفس اللحظة سمعت طرقا على الباب .
    وعندئذ ارتدت ´انجريد´ ثوبها الملقى على الارض ثم دخلت ثانية في الفراش . وكان الطارق لايزال يدق على الباب بنفاد صبر والحاح ، فقالت ´انجريد´ باليونانية :
    - تفضل !
    وعندئذ دخلت الحجرة سيدة متقدمة في السن وذات وجه مشرق وعينين خبيثتين ، وكانت تحمل بين يديها صينية الطعام المعدة لشخصين .
    وردة قايين
    ودون ان تنطق بكلمة واحدة ، تركت السيدة الصينية على الفراش مكان ´يانيس ´ . فشكرتها `انجريد´ ، وتمتمت السيدة بعدة كلمات
    باللغة اليونانية لم تفهمها `انجريد` . وهنا قالت ´ايرين ´ بصوتها العذب .
    - ´كاليميرا´ يابنيتي .
    وكانت ´ايرين قد دخلت الحجرة وامسكت بكتف الخادمة العجوز
    - ´انجريد` ، اقدم لك `كوليلا´ ، إنها المسؤولة عن كل شيء هنا ، لابد
    ان `يانيس ` حدثك عنها .
    هزت الفتاة راسها بانها لا تعلم شيئا , لان ´يانيس ` لم يحدثها ابدأ
    عن هذه المراة ذات العينين الغائرتين والوجه غير المريح تماما .
    - الحق انه اخفى عنك الكثير ! والأن يجب ان تعرفي ان ´يانيس
    وهو صغير، كانت ´كوليلا´ بمثابة امه ، لقد ولد لديها في `ليناكاريا ,
    وكبر وسط اطفالها الذين توفوا جميعا للاسف .
    - كلا , حقا لا اعرف ذلك .
    وكانت `كوليلا´ قد وقفت فترة عند باب الغرفة ، ثم انصرفت بهدوء .
    - يجب ان اعترف ان تصرفات ابني لا تعجبني احيانا ، ولكن اعتقد انه جعلك تشاهدين المنزل الذي عاشت فيه عائلة ´كوليلا´ عند مرتفعات
    القرية .
    - بالتاكيد, لقد اقمنا في هذا المنزل ايضا .
    نظرت لها ´ ايرين ´ في دهشة , ثم جلست على حافة الفراش .
    - لابد انك مخطئة ! إن منزل `كوليلا´ لا يصلح للإقامة منذ سنوات ,
    وفي اخر مرة ذهبت إلى الجزيرة , كان المنزل مهدما تمامأ !
    - كلا ، اؤكد لك ذلك يا ´ايرين ` ، لقد عشنا هذه الفترة هناك !
    كانت `انجريد` تتحدث ببراءة شديدة ، بينما كانت الدهشة ترتسم
    على ملامح وجه `ايرين ` التي تمتمت قائلة .
    - ولكن ما السبب في ذهابكما إلى هناك ؟ إن هذا المكان مهما كانت بدائيته يوحي بالراحة ، إلا انه لا يليق بشهر العسل !
    - ولكن `يانيس ` يرى غير ذلك , واعتقد انه له اسبابه التي استلزمت
    إقامتنا في هذا المنزل .
    سكتت الفتاة لحظة ثم اضافت :
    - كما انني فهمت خطا انه منزلك انت ...
    تنهدت `ايرين ´ ، وبدت في غاية الدهشة من اقوال زوجة ابنها .
    - إذن لم يخبرك بشيء , اقصد لم يخبرك شيئا عن طفولته وشبابه . بدت ´ايرين ` مرهقة فجاة وبدات يداها ترتعشان .
    - لقد كان ابني طوال عمره كتوما ومزعجا , ويجب ان تعلمي ذلك
    ابتسمت ´انجريد´ وقالت باقتناع :
    - هذا حقيقي .
    - لانه إذا كان قد تحدث إليك - انت زوجته - , كنت عرفت انه
    غفر لي .
    - غفر لك ؟
    سعلت ´ايرين ` محاولة إخفاء ارتباكها , ترى ما الذي تقصده `غفر لها´؟ شعرت ´انجريد´ بالضيق , فقامت وقدمت فنجان القهوة إلى ´ايرين ` وقالت لها بهدوء :
    - لم اسمع يانيس وهو خارج ، هل تعرفين اين هو !
    - لقد ذهب إلى الميناء بسيارته واصرت ´ايلينا´ على مصاحبته لا اعرف لماذا .
    كاد قلب `انجريد´ يقفز من مكانه ، وشعرت فجاة بالغيرة والشك ، ولكن الوقت غير مناسب لإظهار هذه الاحاسيس ، ويبدو ان ´ايرين ترى الامر طبيعيا .
    - اعتقد ان ...
    ثم استدارت الفتاة واخذت تعبث في سلة الخبز بعصبية . وهنا قالت `ايرين ` :
    - تبدو ´كاناري´ هادئة طوال الأسبوع , ولكن تعج باليونانيين اثناء عطلة نهاية الاسبوع ، ومعظم اليونانيين يمتلكون منازل هناك
    و اغلبهم اصدقاء .
    تناولت `ايرين ´ فنجانأ اخر من القهوة وقالت :
    - ما رايك في تنظيم حفل استقبال في شرف حظورك ! تمتمت `انجريد´ :
    - ولكن يانيس 00
    - اعرف انه يكره الاحتفالات , ولكنه لن يمنعنى من تقديم زوجته لاصدقائي , لقد تزوجتما بعيدأ عن هنا .
    - كم ان ذلك لطيفا منك ولكنني اعتقد ان ذلك غيرضروري .
    - ارجوك ان توافقى يا ´انجريد` ! فالمناسبات نادرة جدأ هنا , واعدك ان الحفل سيكون بسيطا .
    - اتفقنا ولكنني اعتقد انه من الافضل ان تتحدثي إلى `يانيس ´ اولأ. ثم اضافت متعللة بعذر ما :
    - كما اننى لا اجيد التحدث باللغة اليونانية ... فانفجرت ´ايرين ´ في الضحك :
    - هذا ليس عذرأ ! وعلى اية حال معظم اصدقائي يجيدون التحدث باللغة الانجليزية ، اما بالنسبة للعمة `صوفيا` فسنرى فيما بعد ، ويمكنني ان اقوم بدور المترجمة لك ,بينما تهتم `كوليلا` بالحفل . اكتسى وجه ´انجريد´ بالحمرة وقالت :
    - ولكننى لست واثقة من تقدير´كوليلا` لى .
    - إن `كوليلا´ ستظل إلى الابد الام اليونانية ، ولا تخدعك المظاهر ، فكل ما يهمها هو سعادة `يانيس ` ! وانت التي تجلبين السعادة إلى ´يانيس ´ !
    - ربما كانت تفضل زواج ´يانيس ` من فتاة يونانية , ومهما فعلت , فساظل فتاة انجليزية ...
    حاولت ´ايرين ´ تهدئتها قائلة :
    - بالتاكيد ولكنها تعرف `يانيس ` جيدأ وتعرف انه لا ينفذ إلا رايه ، ثم إنها تعطيه العذر دائما ...
    تنهدت ´ايرين ` بعمق , ثم اضافت :
    - ولكنني لا اعرف السبب الذي جعله يذهب بك لديها فى ´ليناكاريا´,
    لابد انه فكر في الذهاب بك إلى هناك لشدة ارتباطه بالمكان لانني ولدته
    في هذا المنزل ، ولكن الظروف كانت مختلفة بالتاكيد ... حاولت ´انجريد` ان تبتسم رغما عنها , وتابعت ´ايرين ´ :
    - من الواضح بالتاكيد ان هذا المكان لم يكن مثاليا للولادة به ...
    ولكنني لم افكر قبل الولادة 0بانني ساضع طفلي هناك ! وطوال فترة
    الحمل كنت مقيمة في `كاناري´ , وفي احد الايام ، شعرت بالإرهاق الشديد واحسست بالرغبة في الذهاب إلى ´ليناكاريا´ حتى اشعر
    بقربي من `تيو´ ، فنحن قد تقابلنا لاول مرة هناك اثناء تصويري لاحد الافلام ، وبمجرد ان وطئت قدمي ارض الجزيرة بدات الام الوضع ...
    كانت الدموع تترقرق في عيني ´ايرين ` عند تذكر الماضي ، فتناولت
    رشفة من فنجان القهوة , ثم تابعت :
    - وبعد حوالي ساعتين , خرج ´يانيس ` إلى النور في منزل `كوليلا´ .
    وكنت انا و `تيو´ سعيدين جدأ بولادته في هذا المكان , لقد كنا نحب بعضنا كثيرأ ... قالت ´انجريد´ متاثرة بما سمعته .
    - إنها قصة حب رائعة !
    - نعم مثل قصة حبك انت و يانيس ، فهناك دائما احداث لا تخطر ابدأ , وانا على ثقة انكما تحاببتما منذ اول يوم ...
    قالت ´انجريد` ساهمة :
    - نعم دون ان نعرف ان ذلك حب .
    وفجاة نهضت ´ايرين ` من مكانها كانها ندمت على ما قالته .
    - يبدو اليوم رائعا ، ما رايك لو اكملنا حديثنا على حافة حمام
    السباحة في انتظار عودة `يانيس ` ! وتاكدي ان العمة ´صوفيا´ لن تزعجنا بحضورها لانها تخاف اشعة الشمس كثيرأ .
    - سمعا وطاعة ! سالحق بك إلى هناك بمجرد ان استعد .
    وبعد دقائق , لحقت `انجريد´ بـ´ايرين ` في شرفة الفيلا . وكانت
    ترتدي لباسا للبحر مكونأ من قطعتين وتضع فوقه ثوبا خفيفا وكانت `ايرين ` مشغولة بالحديث مع خادمة صغيرة ، وعندئذ خلعت
    `انجريد´ حذاءها لتمشي عارية القدمين فوق الاعشاب الخضراء التي
    تحيط بحمام السباحة .
    وكانت المياه تلمع كانها مراة تحت اشعة الشمس الحارقة . وكان
    حمام السباحة محاطأ بصف من الكراسي المريحة .
    وعلى الطرف الأخر من حمام السباحة يوجد كوخ صغر يجلس
    بداخله ´ديمتريوس ` ممسكا بالتليفون في يد»ه ، وبمجرد ان لمح الفتاة
    وهي تنزل إلى المياه رفع راسه نحوها واخذ يتاملها ...
    كم ان ذلك رائع ! سبحت ´انجريد´ ذهابا وجيئة حتى تخلص ذهنها
    من كل شيء وحتى تبعد ´إيلينا` و ´يانيس ´ عن مخيلتها ، بالإضافة
    إلى كلمات `ايرين ` الغريبة ... اخذت تسبح بهدوء وتتمطى في المياة بجسدها الممشوق الرائع ...
    سبحت كثيرأ قبل ان تصعد إلى الحافة وتجلس على ´الشيزلونج
    تاركة وجهها وجسدها تحت تاثير اشعة الشمس ، وبعد لحظات
    لحقت بها ايرين والحق انه لو كانت الظروف مختلفة وكان يانيس يتعامل معها بطريقة اخرى ، لسعدت `انجريد´ كثيرأ بلطف وحنان
    والدة زوجها .
    ولكن بمجرد ان تجلس ايرين معها وتتحدث إليها ، تتذكر ان يانيس اخفى عن ´انجريد´ اشياء كثيرة ، فتتلعثم في الحديث , فهناك
    موضوعات كثيرة يجب تجنبها وعدم الخوض فيها .
    والحق ان وجود ´ديمتريوس ` على بعد عدة امتار منها كان يزيد من
    توترها ، فهو الوحيد الذي يعرف ما حدث في ليناكاريا , ومن السهل
    تخمين ذلك ، كما انه راى يانيس كيف يعاملها هناك .

    كما هيئ لها انها سمعته يسخر منها عندما ذكرت له انها تقضي شهر العسل في هذا المكان وفقا لرغبتها مع ان الحقيقة تبدو واضحة
    جدأ . وردة قايين
    وكم كانت "ايرين لاسكوز" تتمنى ان تتصالح عائلة "اندروبولوس " ،
    ولكن `انجريد` ظلت مقتنعة انه في اول فرصة ، سيحاول ديمتريوس
    الانتقام من `يانيس ` بطريقة او باخرى ، كما سيحاول احتقارها ايضا في نفس الوقت ، لذلك من الأفضل لها ان تبقى متيقظة دائما ...
    وبعد حوالى ثلاث ساعات عندما اصبحت اشعة الشمس حارقة ،
    عادت `ايرين ` إلى الفيلا لتهتم بإعداد طعام الغداء , بينما ظلت
    `انجريد` جالسة في الظل وهي تتصفح احد الكتب عن `اليونان
    واساطيرها عندما علا فجاة صوت موتور سيارة ثم سمعت صوت بابي السيارة يغلقان .
    `يانيس و `ايلينا` ...

    ازدادت دقات قلبها سرعة ، وفوجئت ´انجريد´ بانها تتخيلهما دائما في متاهات الحديقة . .
    واخيرأ سمعت صوتيهما وراء الاشجار حتى ظهرا امامها فجاة ، فحاولت الا تنظر إليهما بإصرار , ولكن الغيرة كانت تخنقها وشعرت بالخجل الشديد , ورغما عنها لاحظت تعلق `ايلينا´ بذراع ´يانيس
    بطريقة تجعلهما ملتصقين ببعضهما ، وكانت ´ايلينا` تضحك
    ´يانيس ´ يبتسم لها ولكنها لم تستطع تحديد تعبير ملامح وجهه وهي في مكانها .
    وتقدما نحو حمام السباحة وكانت ´ايلينا´ لاتزال ممسكة بذراع ´يانيس ´ , ثم اقتربت منه وقبلته برقة على شفتيه بطريقة مثيرة ، وكانت عيناها تلمعان وخداها مكسوين بالحمرة وخصلات شعرها متناثرة تحت تأثير الرياح ولمسات يانيس . . وعندئذ شعرت ´انجريد` بانها تتمزق ، فحاولت ان تبدو مستغرقة في قراءة الكتاب عندما اقترب منها ´يانيس ` وقال بصوته الاجش
    - صباح الخير يا زوجتي العزيزة
    وتبعته `ايلينا´ لتحييها بطريقة مقتضبة قبل ان تختفي داخل الفيلا .
    وظل يانيس و `انجريد` صامتين , ثم فجاة نهضت ´انجريد´ كما لو كانت عاجزة عن احتمال نظراته إليها ، وعندما همت بالانصراف , لف ´يانيس ` ذراعيه حول كتفيها ليمنعها من الذهاب .
    - إلى اين تذهبين ؟ ابقى هنا ، اريد ان اتحدث إليك ! كان صوته لطيفا ولكنه حاسم .
    - اعتقد ان كل شيء قد قيل بعد ما رايته ، والأن ما اللعبة التي تريد لعبها !
    وعندما لم يجبها ´يانيس ´ ، اضافت `انجريد` :
    - إن ما تفعله امر غير مقبول ، واعتقد انه من الضروري توضيح الامور بيننا ..
    - وانا ايضا اعتقد ذلك ، ويجب ان اعتذر لك .
    - حسن , وانا في انتظار ذلك!
    بدا الضيق على نظرات ´يانيس `، ولكنه تماسك بسرعة وكان وجهه
    لايزال قاسيا مثل كلماته :
    - انا مصر على الاعتذار لأنني فرضت نفسي عليك بوجودي معك
    هذه الليلة , واذا كنت قد وافقت على الانصراف كما طلبت مني , ما كان
    حدث بيننا شيء هذا الصباح , واعدك الآن ان ذلك لن يتكرر ثانية .
    كانت كلماته لـ `انجريد` اشبه بالماء البارد , وشعرت انها تكاد
    تختنق وظلت لحظات صامتة دون حراك .
    - هذا بالتاكيد ما تسميه الحفاظ على المظاهر ... والأن لا داعي لبقائي هنا، وسارحل قريبا ! ولكن بالمناسبة والدتك تهتم بإعداد حفل
    استقبال تكريما لنا... اجابها يانيس بسخرية :
    - إذن ذلك يعني انك ستبقين هنا حتى انتهاء الحفل ! وهنا صاحت `انجريد` وهي تندفح نحو الفيلا :
    - كلا !
    فهمس `يانيس ´ وهو ينظر إليها وهي مبتعدة .
    - ابقى يا ´انجريد` ، ابقي ...
    فكرت `انجريد` بمرارة نعم , لابد ان ارحل اليوم . ثم تركت نفسها ترتمي على الفراش في يأس شديد .
    وفي هذ»ه اللحظة ، كانت الفيلا هادئة جدأ ، ولم يكن هناك إلا اصوات الطيور المنبعثة من الحديقة من خلال النوافذ المفتوحة في حجرتها .
    ومنذ ان حضرت هنا منذ حوالى عشرة ايام وهي تقضي ساعات بعد الظهيرة في التجول داخل حجرتها ، ملاذها الوحيد ...
    ولم تكف ابدأ عن التفكير في `يانيس ` ، وفي وجهه القاسي خاصة عندما ينام دون ان ينطق بكلمة واحدة ودون ان يقبلها ، ثم يذهب إلى فراشه فوق الاريكة التي وضعها في الحجرة خصيصا لذلك .
    من المؤكد انه يستطع النوم في حجرة اخرى , ولكنه يريد المحافظة على المظاهر , ولكن من يقصد بالمحافظة على المظاهر امامه ؟
    بالتاكيد ، ليست `كوليلا´ فهي لا تغفل شيئا ابدأ , وليست ايرين ، فلابد انها تشعر بعدم التفاهم بينهما ، وليس `ديمتريوس ´ الذي يفرض نفسه ويتطفل فيما لا يعنيه .
    اما بالنسبة لـ`ايلينا´ ، فهو لا يتركها لحظة واحدة ولابد انه يحكي لها كل اسراره . فكثيرا ما تسمعهما يضحكان وتتالم لذلك
    ربما تكون قد جرحته بتصرفاتها ربما ظنت في لحظة ما انه يحبها لأنه شعر بالرغبة نحوها ، ربما ...
    وهكذا ظلت الأسئلة تدور في ذهنها دون إجابة هذا بجانب حرارة الجو الرهيبة التي تعانيها جزيرة `كاناري´ مما زاد من توتر اعصابها وضيقها ، وفضلت ´انجريد` بدلا من البقاء وحدها ان تلحق بـ `ايرين في حجرة استقبال الضيوف .
    وربما من الأفضل ان تحاول مساعدتها في الإعداد للحفل حتى تشغل نفسها بدلا من الجلوس في الم وحزن . وما إن همت بالخروج من الحجرة حتى سمعت طرقا على الباب فقالت بتلقائية :
    - ´باركولا´ .
    وقبل ان تفتح باب الغرفة كان ´ديمتريوس ` قد اسرع بالدخول ، فنظرت إليه دهشة عندما قال :
    - إذن انت تختبئين هنا ، ودائما وحيدة !
    رفعت `انجريد´ كتفيها واخذت تنظر إليه وهو يستريح على الاريكة .
    - هل يمكنني ان اعرف سبب تشريفك لي بالزيارة ؟
    اشعل ´ديمتريوس ´ سيجارة قبل ان يجيب :
    - منذ عدة ايام الحقيقة منذ حضورك إلى هنا وانا اشعر انك تحاولين تجنبي وهذا يضايقني يجب ان اعترف لك بذلك .
    - نهائيا ، يالها من فكرة غريبة !
    - لقد حضرت لاراك لان إقامتي في `كاناري´ على وشك الانتهاء ويجب ان اعود إلى ´اثينا` .
    اكتفت انجريد بان تقول :
    - لم اكن اعلم ذلك .
    - كما ان لدي عرضأ ظريفأ اود عرضه عليك .
    نظرت إليه ´انجريد` غير مصدقة ، فعجرفته في الحديث لا تبشر بالخير وفجاة نهض ´ديمتريوس ´ من مكانه وامسك بكتفيها
    - ´انجريد´ ، إنني جاد فيما اقوله لماذا لا تاتين معي ؟
    - هل نسيت انني متزوجة ... اتركني من فضلك . وفجاة وثب بسرعة نحو الباب .
    - كلا ، ليس بهذه السرعة كما انني لم انس شيئا ! ولكن يبدو ان
    ابن عمي العزيز ´يانيس ´ هو الذي فقد الذاكرة .
    - ´ديمتريوس ´ ، كف عن هذه السخرية وابتعد عن الباب ، فما يحدث
    بيني وبين `يانيس ` لا يخصك في شيء .
    فانفجر في الضحك قائلا .
    - ما يحدث بينك وبين يانيس ! لقد كدت اصدقك في ´ليناكاريا´ ،
    اما هنا فلا ! انت لا تشاركينه حتى الفراش .
    تماسكت ´انجريد´ على الرغم من ضيقها الثسيد .
    - هذا يكفي يا `ديمتريوس ´ !. انت حقا كريه ! اذهب من هنا او
    ساصرخ باعلى صوتي .
    - الهدوء ... على اية حال نحن وحدنا في الفيلا .
    ثم الصقها في الحائط .
    - انت حقا شخص فظيع ! دعني وشاني ، انت تؤلمني !
    وفجاة شعرت بالفزع وحاولت مقاومته بشدة .
    - هل تعتقدين انني لا اتالم ايضا عندما ارى ´يانيس ` يتعامل معك
    بهذه الطريقة ؟ من المستحيل ان اصدق ان ما يحدث بينه وبين
    شقيقتي لا يؤثرعليك .
    اجابته بضعف :
    - ولكن ذلك لا يسمح لك بالتصرف معي بهذه الطريقة !
    وعندئذ اقترب منها بشدة وحاول تقبيلها بعنف . فحاولت الخلاص منه بكل قوتها ولكن على الرغم من ان ´ديمتريوس ` متوسط الحجم إلا
    ان قوته كانت خرافية . ثم احاطها بذراعيه بقوة واخذ يقبلها في
    رقبتها ، ثم قال لها وهو يلهث :
    - انت حقا جميلة ومرغوبة ...
    وفجاة جذب المشط الذي تجمع به شعرها .
    - انفصلي عنه وتزوجيني ، وساريك كيف يكون الحب !
    ورده قايين
    - ابدأ , لقد جننت فعلا !
    اجابها بعينيه الجاحظتين
    - كلا ! انا احبك !
    حاولت ´انجريد´ الفكاك من قبضته ، لكن هيهات ، وكلما كانت تقاومه كان يزداد في الضحك نعم لقد فقد هذا الشاب - الذي بدا دائما عاقلا في نظرها عقله!
    - لقد تزوجته من اجل ثروته ! اما انا فسامنحك الحب0
    - كلا ، هذا خطا ارجوك اتركني
    والحق ان انفاسه الساخنة كانت تؤلم وجهها وكانت يداه تشعرانها بالاشمئزاز واخيرا نجح فى جذبها على الفراش وحاولت مقاومته بشدة ولكنه كتم صرخاتها عندما حاول نزع ثوبها .
    - ارجوك اتركنى ارجوك .
    ولكن إذا فشلت الأن في التحرر منه فستنتهي تماما ، وعندئذ فكرت على الفور ان الحمام قريب منها وان له قفلأ من الداخل ، إذن لابد لها من الهروب إليه حتى يهدأ `ديمتريوس ` تماما
    وفكرت انها لن تنجح فى الخلاص منه بمقاومته، لذلك قررت خداعه حتى تتمكن منه وفعلا تخلت ´انجريد´ فجاة عن مقاومتها له وابتسمت ، ثم تحسست وجهه وعندئذ استجاب لها على الفور وهدا بعض الشيء وتمتم ببعض الكلمات اليونانية غير المفهومة وتمدد بجانبها وفجاة قفزت `انجريد` من مكانها وجرت نحو الحمام واغلقت الباب عليها . لقد نجت اخيرأ
    ولم يحاول ´ديملريوس ` الاقتراب من الباب واستمعت ´انجريد` إلى حركاته وهي تكاد تموت فزعأ ، واخيرأ نهض ´ديمتريوس ` من مكانه . فصرخت ´انجريد:
    - اخرج من هنا
    - للاسف ، لابد من اغتنام الفرصة بعد ذلك . ولكنني اعرف كيف ساقنعك 0
    - نهائيا! واذا لم تغادر الحجرة الآن ، ساحكي كل شيء لـ´يانيس
    فسمعته وهو ينفجر فى الضحك قائلا :
    - وهل تعتقدين انه سيهتم بك ؟ إن هذا الزواج يعتبر فائشلا في نظر الجميع إلا انت واذا كنت لا تزالين عاقلة فلترحلي معي ، إنه املك
    الوحيد الأن .
    - لا يمكن : انا احب ´يانيس ` . اما انت فانا لا اكره اي شخص مثلما اكرهك !
    - إذن في هذه الحالة ياعزيزتي `انجريد´ ، عليك التعود على الوحدة ، .عندما تثقل الوحدة كاهلك ، تاكدي انني في انتظارك دائما ... واخيرأ سمعت ´انجريد´ باب الغرفة يغلق ، فانهارت تماما . لقد اصبحت هذه الحياة او بالاحرى هذا العدم . حياة غير محتملة ، ولابد لها من الفرار ، الرحيل إلى اي مكان بعيد عن هنا ...


    الفصل العاشر




    تنهدت ´ايرين ´ في تعجب ونظرت إليها في دهشة .
    - ´انجريد` ماذا تفعلين ! وما معنى هذه الحقيبة ؟
    - سارحل ، ساغادر ´كاناري` ...
    - ولكن ذلك مستحيل ! ولم يخبرني ´يانيس ´ بشيء !
    - لانه لا يعرف شيئا ، سارحل وحدي .
    قالت ´انجريد´ الجملة الأخيرة في تحد واضح وهي تمسك بحقيبتها 0
    - ´انجريد´ ارجوك انتظري عودته على الاقل ، تحدثي إليه لقد كان يبدو يائسا وغاضبا جدأ لحظة خروجه منذ لحظات مع ´ديمتريوس ´ ما الذي حدث!
    امسكت المراة ´انجريد´ بين يديها واحتضنتها بعنف فتنفست الفتاة بعمق حتى تطرد الألم الذي يعتصر قلبها .
    - لا اعرف إذا كان يمكنك فهم الامر ... لقد كان زواجنا فاشلأ من البداية ، والخطا بسببى انا0
    - هل تشاجرتما ؟ إنها اشياء تحدث كثيرأ بين الزوجين .
    - كلا ليس كذلك ... فإذا كان ´يانيس ´ قد طلب الزواج مني فذلك بهدف الانتقام ، إنه لم يغفر لي ابدأ الكلمات القاسية التي تفوهت بها ضده ...
    - ماذا تقولين ؟ من المستحيل ان يتزوج ´يانيس ` بدون حب !
    - كنت اعتقد ذلك انا ايضا ، ولكن شيئا فشيئا ضاع املي في ان
    يحبني في يوم ما ...
    جذبت `ايرين ´ الفتاة نحو حجرة استقبال الضيوف ، وجلستا معا.
    - هل هذا بسبب إيلينا !
    لم تستطع ´انجريد` ان تجيبها .
    - انا ايضا غاضبة من رؤيتهما معا ، ولكن يانيس لا يريد إفساد السلام الذي بدا يهيمن على علاقته مع اسرة ´اندروبولوس ` .. إنه
    يحاول الحفاظ عليه ليس اكثر ...
    - انا لا اعرف شيئأ ولكنني اعتقد ان علي دفع ثمن الفكرة التي غرستها بداخله دون قصد وهي انني احتقره ... ولكن ذلك كان قبل
    زواجنا .
    وفجاة انهمرت الدموع على وجه ´انجريد´ وبدات في سرد ماساة زواجها من البداية .
    والآن مر الوقت وتفغيرت انجريد واختلفت الحياة ، لكن يانيس لا
    يحبها ... وسيطر عليه الحقد والرغبة في الانتقام ، وكل ما يهمه الأن هو الانفصال عنها ونسيانها .
    اما انجريد فلن تنساه ابدأ وهي الحقيقة المؤلمة التي تسيطر
    عليها، إنها لا تعيش إلا في انتظار اللحظة التي ياتيها فيها ليثلج
    صدرها بحبه ، والأن انطفا هذا الامل .
    سالتها `ايرين ´ وهي في شدة التأثر :
    :هل تحبينه !
    - نعم منذ البداية ولكنه لا يصدقني ، إن رغبته في الانتقام تضع الغشاوة على عينيه ولا يكف ابدأ عن تذكيري - ربما لإقناع نفسه دائما
    - بانني تزوجته بهدف الاحتفاظ بــ بيلوود هاوس ، قصر اجدادي .

    - ولكن اليس شراؤه لهذا القصر الرائع بهذا الثمن الغالي دليل حبه لك ودليل إصراره على وجودك في حياته ودليل رغبته في إسعادك ؟
    - كلا ، لا اعتقد ذلك ...
    وضعت ´ايرين ` يديها على يدي الفتاة .
    - احيانا ، يتخذ الحب طرقا معوجة ، ولكنني مقتنعة على الرغم من هذه المظاهر . ان ´يانيس ´ يحبك ويريد الاحتفاظ بك كأثمن شيء في حياته ...
    تمتمت الفتاة كانها تتحدث إلى نفسها :
    - كم كنت اتمنى ان تكوني محقة .
    ثم جففت دموعها قبل ان تستطرد قائلة :
    - انا لا احقد عليه لأنه يعاملني بهذه الطريقة ، فقد علمني ذلك اشياء كثيرة ، اشياء ذات قيمة لزوجين بدون مستقبل ، واقصد بذلك الثقة والاحترام المتبادل ... الحق ´يانيس ` لم يسبب لي اي إحباط ، وهو محق في شعوره بالإهانة والخيانة ...
    اغمضت ´ايرين ´ عينيها وتنهدت بالم .
    - فهمت ... وانا ايضا ساهمت في هذا الخطا ، كان لابد لي ان اشرح له كل شيء من البداية حتى يندمل الجرح .
    نظرت إليها `انجريد´ في دهشة .
    - والآن عرفت السبب الذي منعه من الحديث عني وعن والده وعن شبابه والسبب الذي جعله يقيم في منزل كوليلا لقد كان ´يانيس يعتقد حتى وفاة والده اننا نهمله ونخجل منه ...
    - اعترف انني لا افهمك ...
    - إنها قصة قديمة ، لا اعرف من اين ابدا ... عندما عرفت انني احمل طفل ´تيو` كنت اسعد امراة في العالم ، فقد كنا نحب بعضنا البعض . وكنا نتمنى وجود هذا الطفل ، ولكن للأسف، لم نستطع إشهار علاقتنا في هذه الفترة : فقد كان `تيو لايزال متزوجا ، اما انا ، فقد كنت فنانة طموحة ومهتمة جدأ بحياتي الفنية . وهكذا قررنا
    الاحتفاظ بهذا السر حتى ولادة طفلنا . سكتت ´ايرين ` لحظة كانها
    تعيش هذه اللحظات لحظة بلحظة .
    - لم يكن ´يانيس ` قد تعدى الشهر الثاني او الثالث من عمره عندما
    عرضت علي إحدى الشركات الضخمة في مجال الإنتاج في `هوليوود عقدأ مهمأ جدأ، وكان ذلك يحتم علي تكريس كل وقتي للتصوير ، مع
    ضرورة مغادرة `اليونان ` وبداية حياة جديدة ، لقد كنت حقا مجنونة !
    - ولكن العمل - حتى في مجال السينما - لا يمنع المراة من اداء
    دورها كأم ...
    - لقد فهمت ذلك ولكن في وقت متاخر جدأ . وهكذا ظل ´يانيس
    يحقد علي دائما وعندما سافرت إلى هوليوود تركته لدى `كوليلا`
    وكانت حقا تحبه كانه ابنها الحقيقي وكانت تهتم به كثيرأ ! وفي هذه الفترة اعتقدت انه سيكون اسعد حالأ في ليناكاريا عن
    وجوده في `هوليوود` حيث مجال التصوير الدائم وكنت في هذه
    اللحظة واثقة من صحة تصرفي ولم اكن اعتقد ابدأ انني ساندم في يوم من الأيام على هذا القرار...
    - ولكنك تندمين بشدة ...
    - هذا حقيقي ، فقد كنت افتقد ´يانيس ´ كثيرأ ولكنني كنت اطمئن نفسي بتخيلي انه اكثر سعادة في ´اليونان ´ ، وان من الافضل له ان يعتقد ان `كوليلا` هي امه .
    - ولم تذهبي ابدأ لرؤيته ؟
    - بالتاكيد كنت اذهب احيانا اثناء التصوير ... وكان `تيو´ ايضا ياتي ، لقد كنا نقضي الساعات الطويلة في الطائرات والقطارات
    والبواخر حتى ناتي إليه لمدة يوم واحد! وهو كان يحبنا لكن كغريبين ،
    كأثنين من الناس يغدقان عليه الهدايا ، وكلما كان الوقت يمر ، كنت
    اجد صعوبة اكثر في قول الحقيقة له ... ثم توفي `تيو´ ... وانت
    تعرفين البقية ، الوصية ، والإرث ...
    - نعم ...
    - لم يعرف ´يانيس ` الحقيقة إلا في هذه اللحظة ، وانا التي اخبرته
    بها ، كان امرأ مؤلمأ كنت اعتقد انني فقدته إلى الأبد ، وكان يكرهني لأنني كذبت عليه ، ولأن الكذبة كانت تعني في نظره انني اخجل منه ،
    وظل سنوات طويلة يرفض مجرد رؤيتي او التحدث معي ، وظللت اعاني في صمت مثلك يا ´انجريد´ ولكنني فهمت مدى المه وإحساسه وتقبلتهما ... وكنت مستعدة لعمل اي شيء حتى يسامحني وحتى نتلاقى في النهاية .
    - و سامحك .
    - نعم ، اقنعت نفسي بذلك وكان ذلك صعبا علي فماذا اقول له وماذا افعل حتى يقتنع انني احبه وانني تنازلت نهائيا عن مهنتي وانني تنازلت عن كل ما هو غال حتى اثبت له انني لن اتركه ابدأ ! والى الآن يكفي مجرد حدوث اي شيء حتى تتمزق العلاقة الواهية التي تجمعني به لقد امتنعت عن حضور حفل زفافكما بناء على رغبته .
    - ربما كان ذلك افضل ... فارتباطنا عديم الاهمية في نظره .
    - لا تفكري في ذلك يا ´انجريد` فانت اول امراة تنجحين في إسعاده ، واول امراة تجعله يفكر في الارتباط بها فهناك كلمات وافعال لا تخطئها الأم ابدأ ، حقا كنت اجده اكثر عصبية في الأيام الاخيرة ودائما وحيدا وحزينا ... إنكما تعذبان نفسيكما وهذا ما يزعجني ...
    - وانا ايضا ، واعتقد ان `يانيس ´ سيطلب الانفصال عني ولايمكنني معارضته ، وربما تسعده `ايلينا` بعد ذلك ...
    واختنقت الفتاة بالبكاء .
    - إن ذلك يدهشني كثيرأ !
    - ولكن ذلك لا يمنع انه يشعر بميل نحوها ...
    - اسمعيني يا ´انجريد´ إنني اتحدث إليك بصفتي امراة وليست امأ هل هذا السبب الحقيقي الذي يجعلك تتركينه وتعترفين بفشلك بهذه السرعة ؟
    تسلل الشك إلى نفس ´انجريد´ واومات براسها قائلة :
    - انا لا اتركه انا بحاجة فقط إلى التفكير وحدي بعيدأ عن هنا . وسارحل في اول باخرة اليوم .
    وهنا نهضت الفتاة وامسكت بحقيبتها ولم تحاول ´ايرين ´ منعها
    وسارت معها حتى الشرفة .
    إذا كانت هذه رغبتك فلن اجبرك على شيء ، واول وسيلة مواصلات ترحل في غضون اربع ساعات ، وربما يكون `يانيس ´ قد حضر اثناء هذه المدة .
    - ولكنني اصر على الا يوصلني ´يانيس ` إلى الميناء والأن هل اطلب منك خدمة اخيرة!
    - بالتاكيد !
    - بما ان امامي ساعات فقط ، هل اطلب منك ان يقوم ´الكسيس بتوصيلي الآن ؟ فهناك شيء مهم يجب ان اقوم به وان اراه للمرة الاخيرة قبل الرحيل .
    اومات ايرين´ براسها موافقة والدموع تملا عينيها السوداوين .
    - إن "الكسيس " في خدمك وتحت امرك ياصغيرتي ، ولكن هل انت واثقة انك لا تريدين رؤية ´يانيس ´ !
    - كلا ، وسيفهم السبب في تصرفي عندما يقرا الرسالة التي تركتها
    له . ورده قايين
    احتضنتها ´ايرين ` وتحسست خصلات شعرها بحنان الام قبل ان تنطق ببعض الكلمات باللغة اليونانية بعطف لا حدود له ، وهنا اجابتها الفتاة بسرعة :
    - وانا ايضا سافتقدك كثيرأ . وبعد حوالي ساعة كانت `انجريد´ تسير بضعف في طلرقات ´ليناكاريا` وكان كل شيء هادئأ وبغيضأ وكانت اشعة الشمس كانها الجحيم ...
    وكانت قد نجحت في إقناع ´الكسيس ` بان يوصلها حتى الجزيرة ثم يتركها قليلا قبل ان يذهب بها إلى ميناء `كاناري´ وبعد ذلك ترحل من هنا وتاخذ اول طائرة متجهة إلى لندن في اليوم التالي .
    وللمرة الاخيرة تاملت ´انجريد` المكان بهدوء ، كانها تحاول ان تتذكر ولكن كل شيء كان يبدو غريبا عليها كانها ترى لاول مرة هذه الجزيرة التي بدات فيها حياتها الجديدة .
    وعلى الرغم من حرارة الجو شعرت `انجريد´ بالقشعريرة بمجرد ان دخلت المنزل فتجولت بداخله ثم ذهبت إلى البئر وتحسست بيديها
    الضعيفتين النوافذ المغلقة واحجار المنزل البيضاء التي ستظل تتذكره على الرغم من كل شيء .
    وإذا كان `يانيس ´ يريدها حقا . فستقضي فيه `انجريد´ بقية عمرها، فهي تشعر كانه منزلها وفكرة رحيلها عنه ، تجعلها تشعر بالكابة نعم فالماضي لم يمت بعد ولازال قلبها ينبض بالأمل وبوهم السعادة فاغمضت عينيها وشريط الذكريات يجري امامها حافلا بالذكريات التي نقشت في ذاكرتها وجسدها .
    وظهرت فجاة امامها صورة `يانيس ´ والحق ان كلمات ´ايرين ´ قد اصابتها بالياس وجعلتها تشعر بالذنب نحو ´يانيس ´ ، شعور ممزوج بالندم ولكن الطفل الذي يتحرك في احشائها يعطيها دائما الرغبة في الحياة وفي الأمل ... وشعرت ´انجريد´ فجأة بوجود احد على بعد امتار قريبا منها ، ففتحت عينيها وعندئذ كاد قلبها يتوقف ، وحاولت ان تتكلم ، ان تقول اي شيء ... ولكن صوتها مختنق .
    - ´انجريد` حبيبتي لماذا ... لماذا بحق السماء ؟ شعرت بان كل شيء يدور حولها وانها تكاد ترتمي على الارض ، وفجاة فقدت ´انجريد´ وعيها وارتمت بين ذراعي ´يانيس ´ ....
    وعندما افاقت ، كان `يانيس ` يتاملها بحنان شديد ، فنهضت قليلا واخذت تتفحص وجهه الوسيم ذا الملامح المنتظمة والعينين السوداوين كانها اخيرأ عثرت عليه بعد سنوات من الفراق . وهنا سالها بقلق وصدق .
    - هل اصبحت على ما يرام ؟ خشيت ان افقدك ... كان يجب علي ان اتاكد. .
    رددت `انجريد` دون ان تفهم شيئا :
    - تتاكد ؟
    اوما `يانيس ´ براسه قبل ان يتابع حديثه بضعف :
    . اتاكد من حبك لي لن اسامح نفسي ابدأ على الالم الذي سببته لك ، فعندما رايت ´ديمتريوس ` خارجا من حجرتك ، كدت اجن .لكنه حكى لي كل شيء ...
    نظرت إليه ´انجريد´ طويلا وقالت :
    - ولكنني لم افكر في الرحيل بسببه ، وساظل احبك مهما حدث . احتضنها ´يانيس ´ بين ذراعيه وهو يتحسس خصلات شعرها .
    - سامحيني يا `انجريد` لقد سببنا لبعضنا الألم بما فيه الكفاية ... وانا احبك يا ´انجريد` ولم اكن اتوقع ابدأ ان احب امراة كل هذا الحب ، احب ابتسامتك ، احب شفتيك ، احب عينيك ... اشعر بالرغبة في حمايتك ، فى الاحتفاظ بك بجانبى ، سافعل ما في وسعي حتى اسعدك سافعل اي شى حتى ...
    وهنا ضعف صوت يانيس وهو يقول :
    -. حتى لورغبت الرحيل فساتركك ، هذا ما اشعر به نحوك حقأ . لم تستطع ´انجريد´ ان تجيبه فقد كانت كلماته صادقة لدرجة جعلتها تعجز عن النطق ، واغرورقت عيناها بالدموع وهو يقبلها .
    - انا احبك ، كنت اريد ان ابقى قويا والا اخضع ابدأ ، ولكننى فهمت خطئى في وقت متاخر ...
    شعرت ´انجريد` انه يقول الحقيقة هذه المرة ، فاخذت مخاوفها في خضم الشعور بالسعادة عندما سمعته يؤكد عدم خيانته وعدم إهماله لها .
    - تاكدي ان كل ما اقوله لك حقيقة يا حبيبتي يا امرأتي ويجب ان تعلمي جيدأ اننى لم افكر فى الزواج منك إلا لانى احبك .
    - ولكنك جاهدت فى إقناعي بالعكس طوال الوقت .
    امسك بها `يانيس ` كانه يحاول حمايتها .
    - اعرف ذلك وانت لاتستحقين مني ...
    ثم توقف عن الكلام واخفى وجهه بين خصلات شعرها .
    - كدت اموت من الخوف عندما اخبرتنى والدتى انك رحلت وعندما لم اجد اليخت داعبنى امل مجنون في ان اجدك هنا .
    - كنت سأرحل بسبب هذه المسافة التي اصبحت تفصل بيني وبينك في ´كاناري´ فقد كنا معا هنا على الاقل وحدنا ولكنني رحلت لانني كدت اموت خوفا من الحياة بدون حب ...
    - لقد جئت ابحث عنك يا ´انجريد´ ، ولكن من حقك ان ترفضيني .
    كان الحزن يبدو في عيني `يانيس ´ .
    - إننا لن نترك بعضنا ابدأ ، اليس كذلك ... ؟
    - ولكن ربما تشعرين بالكره نحوي لما سببته لك من الم . فاحتضنته ´انجريد´ .
    - اكرهك يا ´يانيس ´ ؟ مستحيل .
    - إنني امقت نفسي حقا ، لقد عاملتك كوحش ! والآن اطلب منك الصفح .
    - لقد صفحت عنك حتى لو كنت تألمت برؤيتك مع امراة غيري ... كنت اعتقد انك ستكون اكثر سعادة مع `ايلينا` وانك ستجد معها السعادة التي لم اتمكن من منحك إياها .

    ولكن لم يحدث بيني وبينها اي شىء ، والغيرة في عينيك لم تكن دليلا كافيا لحبك لي في نظري لقد كنت غبيا حقا فلم اكن ارغب غيرك من البداية .. لقد كنت رائعة ! لا اعرف كيف كنت امنع نفسي من الاعتراف لك بمشاعري .
    وهذا المنزل الذي تتمسكين به ربما كنت امل الحصول على حبك بزواجنا .
    ثم ابتسم ساخرأ .
    - وكنت اعتقد انني ذكي بتصرفي هذا !
    فاضافت `انجريد` بحنان :
    - لكن كان ذلك دون فائدة ، فانا احبك و ´بيلوود هاوس لاقيمة لها بدونك .
    فجاة لاح على نظرته شعور بالحزن .
    - ولكن ما السبب الذي جعلك تتحدثين عني بهذه الطريقة مع هذه المراة قبل زواجنا ؟
    - لقد قلت لك ذلك مائة مرة : كنت اريد الاحتفاظ بسر حبنا ... بالتاكيد كان ذلك تفكيرأ خاطئا .
    - كاد الياس يخنقني في هذا اليوم ، واعتقدت انني فقدتك إلى الابد واردت معاقبتك على ذاك ولكنني عاقبت نفسي ، وكان يجب علي ان اتسلح بالصبر حتى احصل على حبك ...
    اقترب ´يانيس ` منها وقبلها برقة جعلتها تنسى كل اللحظات
    الحزينة التي عاشتها . ورده قايين
    - وفي اليوم الذي حضر فيه `ديمتريوس ` إلى هنا ، عرفت مدى
    غبائي ، وقد فتحت ثقتك بي عيني ، وخجلت من نفسي لانني عاملتك
    بهذ»ه الطريقة وبهذه القساوة وعجزت عن التصرف ، وشعرت انني قضيت على حياتك ولم استطع المواصلة ورايت ان الانفصال خير
    وسيلة والمخرج الوحيد لنا ، وتمنيت ان احصل على موافقتك بسرعة
    وجعلت ´ايلينا´ وسيلتي و ديمتريوس ايضا ، ولازلت اعرض عليك نفس العرض ...
    - اعتقد ان هذا العرض لا يناسبني ، ولكنني سافكر فيه إذا اصررت
    على ذلك .
    وهنا سالها يانيس بجدية :
    - هل تعدينني بان تجيبيني بصدق ؟
    - اعدك بذلك ...
    - انا احبك يا ´انجريد` واريدك ان تبقي معي وان تساعديني في ان نبدا زواجنا الأن وهنا .
    شحب وجه ´انجريد` وتوقف قلبها عن النبض ، فقال لها .
    - ... لانني لا استطيع ان اعيش بدونك واريدك ان تكوني زوجتي وامراتي إلى الابد ... ولكن شريطة الا تندمي على ذلك ، ارجوك
    اخبريني بالحقيقة .
    سكتت `انجريد` ونظرت إليه في دهشة وهو يرتعش وكان وجهه
    شاحبأ جدأ ، ولكنه كرر في هدوء .
    - هل انت متاكدة انك لن تندمي في يوم ما ؟ ومتاكدة جدأ ...؟
    اجيبيني بصدق ودون خوف من اي شيء ، ارجوك يا ´انجريد´ ...
    وضعت ´انجريد` يديها على خديه محاولة تهدئته وهي لا تصدق ما تسمعه
    - أه ´يانيس ` : لو كنت تعرف ! فأنا لن أندم على أي شئ طوال حياتي .. إلا إذا فقدتك .
    وعندئذ وجدت وجهه يهدا فجاة 0
    - إذن لماذا تريدين الرحيل ؟

    - لاننى اصبحت عمياء مثلك .
    كرر ´يانيس ´ ثانية كانه لا يصدق هذه السعادة وكانه لايفهم ما قالته او
    ما يسمعه .
    - هل هذا حقيقي ؟
    - نعم .
    - الا تعتقدين انه ربما خلال عام ، خلال عدة اشهر ربما ...
    - كلا مستحيل .
    تنفس ´يانيس ´ بهدوء وكان وجهه يشع بابتسامة وضاءة .
    - ´انجريد´ حبيبتي ، زوجتي ...
    نطق ´يانيس ` بهذه الكلمات في سعادة شديدة .
    - ´انجريد´ هل تعرفين ماذا سنفعل الآن ؟ اومات ´انجريد´ براسها مبتسمة .
    - سنعود هذا المساء ، إذا رغبت ذلك ، إلى `بيلوود هاوس ` ، وما رايك لو قضينا شهر العسل هناك ؟
    بدت `انجريد` دهشة جدأ كما لو كان هذا الاسم لا يعني اي شيء بالنسبة لها حتى شعر ´يانيس ` بالقلق ، فابتسم ابتسامة حزينة ،
    وهو يقول :
    - ما معنى ذلك ؟
    - إن حياتنا هنا في `ليناكاريا` حيث اريد ان ابقى واريد ان اتزوجك هنا في كنيسة القرية الصغيرة واريد ان يرى طفلنا النور هنا .
    نظر إليها ´يانيس ` متعجبا وقال بصوت غريب :
    - طفلنا ؟
    - نعم ، فهناك سر اخر كنت اريد إخبارك به .
    - `انجريد´ .
    - كلا ليس هنا ، في منزلنا ...
    - نعم في المنزل ، في منزلنا ...
    واحاط ´يانيس ´ خصرها بذراعيه وحملها حتى باب المنزل ، منزلهما

    وبعد ان اعلنا زواجهما دينيا في كنيسة ليناكاريا´ الصغيرة ، اصر ´يانيس ´ على ان تلد ´انجريد´ طفلهما في´بيلوود هاوس ´ . تمددت ´انجريد` في الظلام في حجرتها التي اعدتها خصيصا لهما حتى يشعر ´يانيس ´ كانه لايزال في منزله ، ولم يكن هناك من ينتظر
    ولادة طفل بكل هذه السعادة .
    وفي الخارج ، كانت الشمس تغرب وسط مزارع ´كنت ´ الخضراء ، سيهبط الليل بعد قليل وسيأتيها يانيس على الفور . وكان الطبيب ´اندرسون ´ قد اقترح عليها ان تبقى في حجرة مستقلة حتى تقوم بالسلامة ولكن `انجريد´ رفضت الاستماع إليه ، فهي تحب زوجها وتريده بجانبها ، وكانت قد وضعت طفلهما منذ ست ساعات
    فقط .
    ودون اية مناقشة ، قرر ´يانيس ´ تسمية طفله تيو على اسم والده وكان يانيس قد بقى بجانبها طوال الليل وكانت ´انجريد´ تستمد قوتها من وجوده ، وعندما حملت طفلها بين ذراعيها ، رأت الحب والفخر يشعان من عيني ´يانيس ´...
    - ´كيريا` ...
    اخترق صوت `ايرين ` الهادىء احلامهما فنظرت إليها ´انجريد وهمست قائلة :
    - صباح الخير ، هل رايت طفلنا ؟ إنه رائع ، اليس كذلك ؟ إنه اكثر الأطفال جمالا .
    قالت `ايرين ´ مبتسمة :
    - نعم ، إنه يشبه `يانيس ´ وهناك من يتحرق شوقا لرؤيته ...
    - من ؟
    - ومن غيري ...
    نظرت ´انجريد` نحو الباب ، فوجدت ´كوليلا´ تستند على عصا من ناحية وعلى ذراع يانيس من ناحية اخرى ، واقتربا ببطء من الفراش
    حتى جلست المرأة بجانب مهد الطفل .
    - نعم لقد رايته واعجبت به ! إنه حقا اجمل طفل !

    استراحت ´انجريد´ على الفراش ، وقالت بارتياح :
    - هذا حقيقي إنه طفل رائع جدأ ، اكاد لا اصدق ان كل شيء انتهى
    هنا تقلص وجه ´يانيس ´ .
    - انتهى ؟ ولكنني اعتقد اننا مازلنا في البداية !وهذا ما راته `رينا
    لوبز´ في الاوراق ...
    - بالتاكيد ، وانا اصدقها ، وانت ؟
    - انا لست في حاجة إلى معرفة ذلك حتى اصدقه واتاكد منه ...
    وتلاقت النظرات في ابتسامة وسعادة وتطلع نحو المستقبل السعيد الذي ينتظرهم .
    تمت بحمد الله
    انتهت الرواية وأتمنى ان تكون قد نالت على اعجابكم
    تحياتي للجميع 00

      الوقت/التاريخ الآن هو الأحد أبريل 28, 2024 8:08 am